المراجعة
الداخلية وظيفة رقابية تمارس في المنشآت المختلفة منذ قرون مضت. وهي تنبع من
الوظيفة الرقابية لإدارة المنشأة وتتأثر بأهدافها، وتتطور مع تطورها. ولقد نشأ
الطلب على المراجعة الداخلية نتيجة الحاجة لوجود وسيلة تحقق مستقلة تساعد في الحد من عمليات الغش والاحتيال والأخطاء،
واكتشافها فور وقوعها.
ونتيجة
للزيادة في حالات فشل وإفلاس المنشآت في الولايات المتحدة في الأربعينات من هذا
القرن، فقد بدأ الاتجاه نحو ضرورة الاعتراف بالمراجعة الداخلية كمهنة تكون لها
مقوماتها التي تمكنها من تحقيق الغرض منها. ونتيجة لهذا الاتجاه، تم إنشاء معهد
المراجعين الداخليين في الولايات المتحدة في عام 1941م، وذلك بغرض تطوير أعمال
المراجعة الداخلية. وأدى إنشاء فروع عديدة لهذا المعهد في عدد كبير من الدول، إلى
تطور مهنة المراجعة الداخلية وتوفير مقوماتها من حيث وجود معايير مهنية لممارستها،
وقواعد للسلوك المهني يجب الالتزام بها، والتعليم والتطوير المستمر لممارسي
المهنة، وتحديد ضوابط ممارسة المهنة.
وقد
عرف معهد المراجعين الداخليين المراجعة الداخلية بأنها "نشاط تقويمي واستشاري
موضوعي ومستقل يصمم بغرض إضافة قيمة وتحسين عمليات المنشأة. وهي تساعد المنشأة في
تحقيق أهدافها بتوفير مدخل منتظم لتقييم وتحسين فاعلية إدارة المخاطر، والرقابة،
والعمليات التي ينطوي عليها الأداء الرقابي للمنشأة". ويتضح من هذا التعريف
أن المراجعة الداخلية أصبحت ركناً أساسياً في الأداء الرقابي في أي منشأة وتعني
بالدرجة الأولى بتقييم وتحسين فاعلية إدارة المخاطر بالمنشأة، وتوفير تأكيد بشأن
كفاية وفاعلية الإجراءات والأساليب الرقابية المستخدمة والالتزام بها. ولذلك فإن
الجهود التي تقوم بها المراجعة الداخلية تعتبر عنصراً هاماً يفيد كل من له علاقة
بالأداء الرقابي في المنشأة بما في ذلك مجلس الإدارة، لجنة المراجعة، الإدارة
التنفيذية، المراجعين الخارجيين، وغيرهم من الجهات الخارجية.
وقد
شهدت السنوات الأخيرة ظهور العديد من حالات فشل المنشآت خصوصاً تلك الحالات التي
انهارت فيها شركات عملاقة. كما شهدت السنوات الأخيرة أيضاً تغييراً في أنماط
الملكية، نتيجة تحول الملكية من مستثمر فرد إلى شركات مساهمة، ونتج عن ذلك، في بعض
الحالات، تركيز ملكية الأسهم في يد عدد قليل من المستثمرين الذين أصبح لهم تأثير
فعال على مجلس الإدارة. وبدأ هؤلاء المستثمرون ينادون بضرورة التغيير في إدارة
الشركة والإجراءات والأساليب الرقابية التي تستخدمها الشركة بما يحقق حماية
مصالحهم. وأدت هذه التطورات في بيئة العمل إلى ظهور الحاجة لتدخل الجهات الرقابية
والتشريعية لضمان حماية حقوق المستثمرين في المنشآت المختلفة. ولعل من أبرز مظاهر
التغير في البيئة النظامية على المستوى الدولي ما يلي:
-
صدور تقرير لجنة تريداوي في عام 1987م
والذي وضع العديد من التوصيات للحد من الغش في القوائم المالية. ولتحسين الرقابة
والأداء الرقابي في المنشآت، وينادي التقرير بضرورة تحسين الأداء الإداري، ووجود لجان
مراجعة مستقلة وفاعلة، وإشراف دقيق للجان المراجعة للتأكد من استقلالية كل من
المراجع الخارجي والمراجعين الداخليين.
-
صدور تقرير اللجنة المنبثقة عن الجمعية
الوطنية لمديري الشركات في عام 2000م والذي يتعلق بلجان المراجعة، وتضمن إرشادات
عملية لعمل لجان المراجعة بما يحقق التحسين في الأداء الرقابي في شركات المساهمة.
ولقد تبنت هيئة الرقابة والإشراف على أسواق المال بالولايات المتحدة التوصيات التي
قدمتها هذه اللجنة وتم العمل بها منذ عام 2000م.
-
قيام معهد المراجعين الداخليين الأمريكي
بتاريخ 18/10/2001م بإعادة صياغة معايير المراجعة الداخلية بحيث يبين الدور الذي
تقوم به المراجعة الداخلية وفق المفهوم المطور.
-
صدور عدد من التوصيات لمعهد المراجعين
الداخليين في أبريل 2002م، والتي قدمت إلى سوق الأوراق المالية بنيويورك والتي
تضمنت ضرورة الالتزام بمبادئ الأداء الرقابي، والإفصاح عن تقييم مجلس الإدارة
لفاعلية نظام الرقابة الداخلية في الشركة، وضرورة إنشاء، والإبقاء على، وظيفة
مستقلة للمراجعة الداخلية على أن توفر لها الموارد الكافية والأفراد المؤهلين.
-
صدور قانون ساربانيس – أوكسلي عن
الكونجرس الأمريكي في متصف عام 2002م نتيجة حالات الانهيار في الشركات العملاقة
والذي وضع عدداً من القواعد التي يجب أن تلتزم بها شركات المساهمة من حيث ضرورة
إنشاء لجان المراجعة في جميع الشركات المساهمة والتأكيد على استقلالية هذه اللجان
عن الإدارة التنفيذية وإلزام إدارة كل شركة بإصدار تقرير ضمن التقرير السنوي يؤكد
مسئولية مجلس الإدارة عن وجود نظام للرقابة الداخلية، وتنفيذه بفاعلية.
-
في عام 2003م قام معهد المراجعين
الداخليين بإعداد إطاراً للممارسات المهنية (Professional
Practices Framework "PPF") حدد
بموجبه المقومات الرئيسة لبناء وإدارة المراجعة الداخلية وتنفيذ عمليات المراجعة.
ويتكون الإطار من:
·
معايير المراجعة الداخلية وقواعد السلوك
المهني وهذه المعايير ملزمة لجميع المنتمين إلى مهنة المراجعة الداخلية. إذا تم
تبني هذه المعايير من قبل الجهة التي ينتمون إليها.
·
إرشادات الممارسات المهنية وتمثل هذه
الإرشادات أفضل الممارسات التي تبناها معهد المراجعين الداخليين لتطبيق معايير
المراجعة الداخلية وقد حث معهد المراجعين الداخليين على الالتزام بهذه الإرشادات.
·
المواد والأدوات المساعدة التي أصدرها أو
تبناها معهد المراجعين الداخليين للمساعدة في تنفيذ الأعمال، والتي لم ترد ضمن
معايير وإرشادات المراجعة الداخلية، بما في ذلك ما صدر من كتب ودراسات ومؤتمرات
وندوات ذات صلة بمهنة المراجعة الداخلية.
أما
على المستوى المحلي فإن من أبرز مظاهر التغير في البيئة النظامية ما يلي:
-
صدور القرار الوزاري رقم 903 لعام 1414هـ
القاضي بإنشاء لجان مراجعة بالشركات المساهمة ووضع الضوابط المنظمة لهذه اللجان.
-
القرار الصادر عن مجلس إدارة الهيئة
السعودية للمحاسبين القانونيين برقم 8/3/2 وتاريخ 22/2/1422هـ الموافق 16/5/2001م القاضي
بتكوين لجنة المراجعة الداخلية، تهتم بتطوير معايير مهنية لممارسة المراجعة
الداخلية، ووضع قواعد السلوك المهني، وتحديد الضوابط اللازمة لتنظيم ممارسة
المهنة. واعتمد المجلس بموجب قراره رقم 10/2 وتاريخ 25/2/1423هـ الموافق 8/5/2002م
لائحة إجراءات عمل اللجنة، وحددت المادة 2 من هذه اللائحة مهام اللجنة ومنها دراسة
الأنظمة، المعايير، القرارات وإجراءات ذات الصلة بأعمال المراجعة الداخلية التي
تصدر عن الجهات الحكومية، أو غيرها من الجهات ورفع ما يتم التوصل إليه من مقترحات
إلى مجلس إدارة الهيئة. ومن مهامها أيضاً توطيد أواصر الصلة مع الجهات المهنية
المنظمة للمراجعة الداخلية خارج المملكة، وتحديد مجالات الاهتمام المشتركة
وتفعيلها.
-
التوجيه السامي الكريم رقم (7/ب/15904)
وتاريخ 5/5/1423هـ القاضي بالموافقة على توصية اللجنة الدائمة للمجلس الاقتصادي
الأعلى باعتماد توصيات اللجنة الوزارية المشكلة بموجب الأمر السامي رقم 3151
وتاريخ 6/3/1421هـ لدراسة أوضاع الشركات المساهمة ومنها: ضرورة تعزيز دور الرقابة
الداخلية في الشركات المساهمة، وتوعية المساهمين بالدور الملقى عليهم لمراقبة أداء
هذه الشركات لتحقيق أهدافها. وتعزيز دور الرقابة الداخلية في الشركات المساهمة.
-
إصدار هيئة السوق المالية لقواعد التسجيل
والإدراج، وتقضي هذه الضوابط بأن يؤكد مجلس الإدارة في التقرير السنوي للمجلس
المرفوع للجمعية العمومية عن سلامة وكفاية الرقابة الداخلية في الشركة.
-
صدور قرار مجلس الوزراء رقم 235 وتاريخ
20/8/1425هـ القاضي بتأسيس وحدات للرقابة الداخلية في كل جهة مشمولة برقابة ديوان
المراقبة العامة، يرتبط رئيسها بالمسئول الأول في الجهاز، وذلك لتوفير مقومات
الرقابة الذاتية والحماية الوقائية للمال العام، وترشيد استخداماته والإسهام في
رفع كفاءة الأداء في الأجهزة الحكومية.
-
إصدار هيئة السوق المالية قرار برقم 1-
212- 2006 وتاريخ 21/10/1427هـ الموافق 12/11/2006م لائحة حوكمة الشركات المدرجة
بالسوق المالية.
وقد
نظر مجلس إدارة الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين في التطورات التي شهدتها
المراجعة الداخلية وصدر عن المجلس قرار برقم (12/2) وتاريخ 8/2/1427هـ قضى
بالموافقة على قيام الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين بتوقيع اتفاقية تعاون مع
معهد المراجعين الداخليين الأمريكي. وتقضي الاتفاقية بأن تقوم الهيئة السعودية
للمحاسبين القانونيين باستكمال الإجراءات النظامية اللازمة لإنشاء معهد المراجعين
الداخليين في المملكة العربية السعودية. وقد رفع معالي وزير التجارة والصناعة رئيس
مجلس إدارة الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين برقية رقم (799/م.د) وتاريخ
1/12/1428هـ ضمنها رغبة الهيئة في تنفيذ برنامج تعاون فني مع معهد المراجعين
الداخليين الأمريكي لإنشاء معهد المراجعين الداخليين السعودي. وطلب معاليه توقيع
برنامج التعاون من قبل أمين عام الهيئة مع الجانب الأمريكي. وبناء علي توصية
اللجنة الفرعية للجنة العامة لمجلس الوزراء رقم (959/1) وتاريخ 30/12/1428 تم إحالة
المعاملة إلي هيئة الخبراء، وتم دراستها مع مندوبين من وزارات الخارجية ومثلها الأستاذ
سعد بن ناصر الاسمري، والمالية ومثلها الأستاذ عبدالعزيز إبراهيم العمر والأستاذ
ناصر بن سليم السليمان، والتجارة والصناعة ومثلها الدكتور أحمد عبدالله المغامس
والأستاذ يوسف محمد المبارك، والتعليم العالي ومثلها الدكتور صالح بن حمد الشنيفي،
وديوان المراقبة العامة ومثلها الأستاذ إبراهيم علي البغدادي والأستاذ سعد بن خلف
القثامي، وعقدت اجتماعات بمشاركة الجهات المذكورة اطلع خلالها المجتمعون علي
الوثائق ذات الصلة، وأوصى المجتمعون بموجب المحضر رقم (118) وتاريخ 15/3/1429
بالعرض علي مجلس الوزراء للنظر في إصدار توجيه بالموافقة علي طلب معالي وزير
التجارة والصناعة لتوقيع ذلك البرنامج من قبل
أمين عام الهيئة مع معهد المراجعين الداخليين الأمريكي، ومن ثم عرض ما يتم
التوصل إليه لاستكمال الإجراءات اللازمة. وبالعرض علي مجلس الوزراء رأي المجلس
الموافقة علي توصية اللجنة المذكورة وتم
إبلاغ ما تقرر إلى معالي وزير التجارة والصناعة بموجب برقية رئيس مجلس الوزراء رقم
4942/م ب وتاريخ 25/6/1429هـ.
وتنفيذا
لذلك تم مناقشة مشروع الاتفاقية بين الهيئة والمعهد الأمريكي وتم توقيعها بتاريخ
15/1/2009م.
وقد ناقشت لجنة المراجعة الداخلية في اجتماعها
الخامس الذي عقد بتاريخ 14/2/1430هـ الموافق 9/2/2009م آلية تنفيذ بنود برنامج
التعاون الفني الموقع مع معهد المراجعين الداخليين. وقررت اللجنة ما يلي:-
1-
يشكل فريق العمل المنصوص عليه في
المادتين (6، 7) من برنامج التعاون الفني الموقع بين كل من الهيئة السعودية
للمحاسبين القانونيين ومعهد المراجعين الداخليين من كل من:
الأستاذ يوسف محمد المبارك الدكتور صـالح الشنيفي
الأستاذ
خــالد الصليــع الأستاذ عبدالله
الـرويس
الأستاذ
محمد السبيعـــي الأستاذ سليمان
النويصر
2-
يباشر فريق العمل المشار إليه في (1)
أعلاه مهامه وفق ما هو محدد في برنامج التعاون المذكور، ويعد خطة عمل تبين الأعمال
التي سيقوم بها وتاريخ تنفيذها، ويتم عرضه على اللجنة في اجتماعها القادم.
وقد باشر فريق العمل أعماله بتاريخ
05/03/1430هـ الموافق 02/03/2009م وعقد عدد من الاجتماعات تم خلالها مناقشة عدد من
المواضيع ذات الصلة بأعمال الفريق، وأعد مشروع خطة عمل تطوير مهنة المراجعة
الداخلية خلال فترة التأسيس، وشملت الخطة تحديداً للأهداف المرحلية ومبادرات
تحقيقها. كما أعد فريق مشروع تنظيم الهيئة السعودية للمراجعين الداخليين، ويتم
حالياً مناقشته مع ذوي الاهتمام والاختصاص، بغرض التعرف على ما لديهم من ملاحظات
ليتسنى أخذها في الاعتبار عند الإعداد الصيغة النهائية للتنظيم.